إن معظم ديارنا الإسلامية تستورد حاجاتها اليومية من بلاد العالم في شرق أو غرب، ولم يستطع العالم الإسلامي بسبب الفرقة والتوجس من تقلبات الشعارات أن يحقق التكامل الاقتصادي وأن ينتفع بمليارات الأفدنة من الأراضي الصالحة للزراعة التي يتوفر حولها الماء، بل لم يستطع بسبب الفرقة والتنازع أن يستفيد من الطاقات البشرية المتخصصة التي تهاجر إلى بلاد الغرب لتشيد هناك وتبني بكفاءة شهد لها العدو قبل الصديق، والعالم كله يعجب لماذا تظهر الكفاءة هناك وتهدر في ديار الإسلام.
لا زالت البلاد الإسلامية بكرا بثرواتها، ولا زالت الثروات في شتى المجالات معطلة عن أداء واجبها، ويخشى أن تتحول الثروات في الديار الإسلامية - ما لم يلتق المسلمون على كلمة سواء، ويولي بعضهم بعضا كما أمر الله - يخشى أن تتحول الثروات إلى نقمة على المسلمين يتنافس الشرق والغرب على استغلالها، ويشقى بها أبناء المسلمين. {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} .
لقد حالت الفرقة التي أوجدتها المذاهب والشعارات دون تحقيق تكامل على أي صورة من الصور، ولا زال الإصرار على المذاهب المنافية للإسلام يملأ النفوس بالريبة والخوف والترقب مما يجعل الأخ لا يثق في أخيه وإن بدا الأمر على خلاف ذلك.
إن أخوة الإيمان وحدها هي التي تحقق التعاون في كل شيء، وبغيرها يقع التنازع والتخاصم ويعم الفشل وذهاب الريح.
لقد أدركت الأمم بدافع من التجارب ما يؤديه الترابط والتعاون بينها من قوة، فرأينا أوربا وقد طحنتها الفرقة زمنا تبحث لنفسها عن وحدة مشتركة يجتمع عليها أمرها ويصان أمنها، فهيأت من الأسباب ما جعلها كالبلد الواحد في مواجهة ما يهددها من أخطار، ولكن يبدو أن أوربا قد صدرت لنا المذاهب التي طحنت بها لتسود مع غيرها بفرقتنا وتنعم بتفريق كلمتنا.