ونحن - المسلمين - بدافع من ديننا أولى الناس بتحقيق التعاون فيما بيننا في جميع الأحوال، وفي وقت تتكالب علينا في الأمم الطامعة، وتحاول أن تبتلعنا واحدا بعد الآخر، ولن يتحقق التعاون إلا بثقة نابعة من الإيمان وطمأنينة بين الأخ وأخيه يحكمها شرع الله وتوجهها آياته.
إن أسس الوحدة في أمتنا الإسلامية ثابتة راسخة لا تغيرها العوامل المصطنعة؛ لأنها تستند إلى كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والتفاعل بالثابت يحقق انتصارا وتفوقا في جميع المجالات، والتخلي عن الثابت يفقد الشخصية الإسلامية خصائصها ويجعلها سوقا لمذاهب الأمم وعاداتها، قبل أن تكون سوقا لسلعها ومنتجاتها.
إن السبيل لرد الكيد هو اعتصام المسلمين بكتاب الله، ولقاؤهم على أخوة الإيمان.
وهذا الجيل إن فرط أو ارتد فسيأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه، والناس ذاهبون ودين الله باق، والشمس إن بارحت رؤوس قوم أنارت عند آخرين، {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} .
ولعل هذا الواقع المرير يؤدي إلى يقظة لا غفلة بعدها، وكم لله من منة في طي المكاره؛ {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} .
وبعد مرة أخرى؛ فإن الإسلام لم يقل بعد كلمته العملية في الأحداث الجارية في أرضنا المسلمة، وستكون كلمته - بعون الله - منهية للتعاسة والضياع.
ستكون مدوية تهرع منها الفرقة ويذهب التنازع والفشل، وتختفي كل الشعارات التي أوجدت أنماطا من العداء المحزن والتعاون المضحك بين المسلمين.