وعلى هذا نستطيع أن نقول: إن المنهج التربوي التعليمي الإسلامي في صدر الإسلام كان يركز على ثلاث مواد رئيسية هي:
١- القرآن الكريم الذي توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في صحف مفرقة كتبها كتاب الوحي، ثم تولى زيد بن ثابت جمعه من الصحف وصدور الرجال في عهد أبي بكر، ثم جمع سيدنا عثمان لجنة من الصحابة برئاسة زيد بن ثابت جمعت القرآن في مصحف واحد نسخت منه نسخا أرسلت إلى الأقطار الإسلامية، ولأن العرب لم يكونوا يفهمون القرآن في جملته وتفصيله كلّهم فكانت الحاجة إلى العناية بالقرآن حفظا وتفسيرا، واشتهر بالتفسير جماعة من الصحابة، منهم علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وابن مسعود وأبي بن كعب في المرتبة الأولى، ويليهم زيد بن ثابت وابن الزبير وأبو موسى الأشعري، وكان لهؤلاء المفسرين رواة من التابعين من أمثال عكرمة ومجاهد وابن أبي رباح ممن رووا عن عبد الله بن عباس، ولم يتعد التفسير آنذاك الاقتصار على المعاني اللغوية، أما استنباط الأحكام فقد ارتبط بالحركة الفقهية وظهور المذاهب الدينية.
٢- أما مادة الحديث: فكانت العناية به - كما قلنا - منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا أن تدوينه لم يكن يدوّن منه إلا القليل، وكان أغلبها في صدور الرجال، مما جعل علم الحديث يتعرض إلى كثير من الوضع، وأشهر من روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثرهم أبو هريرة وعائشة وابن عمر وابن عباس وجابر وأنس بن مالك، ولكن الحديث بصورته التي وصلت إلينا لم يدون في القرن الأول، وقد فكر سيدنا عمر بن الخطاب في تدوينه إلا أنه لم يفعل، حتى جاء سيدنا عمر بن عبد العزيز فكتب إلى عماله يطلب جمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويذكر البخاري أن أول من جمع الأحاديث الربيع بن صبيح وسعيد بن أبي عروبة، كما صنف فيه مالك الموطأ بالمدينة، والأوزاعي بالشام وسفيان الثوري بالكوفة، وغيرهم ممن صنفوا في الحديث.