٣- أما اللغة فقد أدت الفتوحات الإسلامية إلى انتشار اللغة العربية في البلاد التي دخل أهلها الإسلام، والعوامل التي نتجت من اختلاط العرب بغيرهم إلى ظهور اللحن في اللغة، والحاجة إلى علم يضبط قواعد اللغة ويحفظها ويتعلمه الناس، (وهجر الأمم لغاتهم وألسنتهم في جميع الأمصار والممالك، وصار اللسان العربي لسانهم، حتى رسخ ذلك لغة في جميع أمصارهم ومدنهم، وصارت الألسنة العجمية دخيلة فيها وغريبة، ثم فسد اللسان العربي بمخالطتها في بعض أحكامه وتغير أواخره، وإن كان يغني في الدلالات على أصله، وسمي لسانا حضريا في جميع أمصار الإسلام)[٢٥] .
وقد ذكرنا أن المساجد كانت أمكنة للتعليم كما هي للعبادة والقضاء والتخطيط للحرب ونشر الدعوة، واستمر الحال على ذلك في القرن الثاني للهجرة أيضا، واشتهر من المساجد إلى جانب الحرمين الشريفين جامع المنصور في بغداد، وجامع دمشق الذي بناه الوليد بن عبد الملك، وجامع عمرو بن العاص في مصر والذي بني عام ٢١هـ.
ولم تقتصر الدراسة فيها على العلوم الدينية بل شملت العلوم اللغوية والأدبية.
أما الكتاتيب - والكلمة مأخوذة من التكتيب وتعليم الكتابة - فقد اقتصرت على تعليم الكتابة والقراءة، ولم تظهر في العهد الأول للإسلام؛ فقد كان التعليم من واجب الآباء والمعلمين الخصوصيين، ووصية سيدنا عمر تدل على ذلك، ولم يشجع المسلمون تعلم الصبيان في المساجد لأن الصبيان لا يحافظون على حرمة المسجد ونظافته، ومع ذلك كانت الحلقات الدراسية في أركان المساجد.