وقد وضعوا أسسا للتعلم: أهمها ما نسميه - بالمفهوم الحديث ٠ استمرارية التعليم والحض على طلبه والاستزادة منه، ومن ذلك ما رواه سعيد بن المسيب عن عبد الله عباس أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:"من جاء أجله وهو يطلب علما ليحيي به الإسلام لم تفضله النبيون إلا بدرجة"[٢٦] ، وسئل عمرو بن العلاء: حتى متى يحسن المرء أن يتعلم؟ فأجاب: ما دام تحسن به الحياة.
ومما يدل على أن التعليم الأول كان في الكتاب ثم ينتقل الطالب إلى المسجد ما روي عن الشافعي قال:(كنت يتيما في حجر أمي فدفعتني في الكتاب، ولم يكن عندها ما تعطي المعلم فكان قد رضي مني أن أخلفه إذا قام، فلما ختمت القرآن دخلت المسجد، فكنت أجالس العلماء)[٢٧] .
وقد فرقوا بين العلم والتعلم باعتبار التعلم (نشاطا عقليا يمارس فيه الإنسان نوعا معينا من الخبرة الجديدة التي لم يسبق أن مرت في خبرته السابقة)[٢٨] ، وأن التعلم عملية لا تلاحظ مباشرة في المتعلم، إنما يستدل عليها من آثارها ونتائجها في شخص المتعلم وسلوكه وأفكاره؛ ولذلك كانوا يقولون: إنما العلم بالتعلم.
وكانوا يرون التنوع والمرتبة والتدرج في طلب العلم؛ فقد روي عن ابن خالد الوالي قوله: كنا نجالس أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ فيتناشدون الأشعار ويتذاكرون أيامهم في الجاهلية [٢٩] . وروي عن يونس بن يزيد قوله عن ابن شهاب:(يا يونس لا تكابر العلم فإن العلم أودية، ولا تأخذ العلم جملة فإن من رام أخذه جملة ذهب عنه جملة، ولكن الشيء بعد الشيء مع الأيام والليالي)[٣٠] .
وقد اتخذوا أساليب مختلفة في التعليم ومراعاة الفروق الفردية والجوانب النفسية في التعليم.
أما في العصر الأموي فقد تطور المنهج التربوي لعوامل عدة: