كما اختلفوا في طرق البحث والتحصيل العلمي؛ فبينما يشترط المحدثون الرحلة والإسناد لم يشترط ذلك جماعة من الفقهاء، زيادة على اعتبارهم أن جهود الفقهاء قامت على جهود المحدثين.
وهذه الانتقادات أثرت في مفاهيم الفقهاء الذين استنكروا التقليد مع المحدثين وأباحوه للعامة؛ لأنهم لابد من أن يقلدوا علماءهم.
وكان من نتائج ظهور هذه المدارس ظهور رجال اتضحت مفاهيمهم التربوية وتبلورت نظريات التربية الإسلامية فيما كتبوا، وسنعرض لجهودهم وإضافاتهم وآرائهم عندما نتحدث عن جهود رجال التربية الإسلامية.
أما القرن الخامس فقد تبلورت نظريته في التربية على يد علماء الأشاعرة - الماوردي والخطيب البغدادي وأبو حامد الغزالي - وساعدهم على ذلك ظهور التقليد ومعارضة الاجتهاد واتهام من يعمل عقله بالميل للمبتدعة ومشايعة الاعتزال، وكان الحنابلة على رأس هذا الاتجاه المتحرج، ومعهم عدد من رجال الفقه والحديث.
وقد أدى هذا الاتجاه إلى انحسار التخصصات في أطرها المذهبية والتراجع عن بعض المبادئ التربوية، مثل الاستعدادات والميول للمتعلمين، كما أصاب الضعف محتوى المنهاج وأساليب التربية والتعليم التي كانت سائدة، مثل طرق الأسئلة والإملاء، وطريقة السماع.