للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما تأثرت علاقات المذاهب الفكرية؛ إذ حل التعصب مكان التسامح، وأوقع كل فريق بالآخر فاضطهد العلماء وحدثت الفتن، وظهر خطر الإسماعيليين الذين أنشأوا الجامع الأزهر ليكون مركزا لنشر الدعوة الشيعية، إلا أن السلاجقة قد تحالفوا مع مذاهب السنة في مواجهة الخطر الإسماعيلي في ميدان العقيدة والفكر، (وأن يختاروا من هذه المذاهب من يستطيع قيادة المعركة الفكرية والإشراف على مؤسسات التعليم، ولم يكن هناك من يفوق الأشاعرة في تلك المهمة، والواقع أن استيلاء السلاجقة على السلطة في بغداد في منتصف القرن الخامس الهجري قد كان بداية لانتصار أهل السنة على الشيعيين، واتخذوا العلم وسيلة لمحاربة أفكار التشيع؛ إذ إن الناس إذا تعلموا الدين الحقيقي فرقوا بين الحق والباطل وحرروا عقولهم من أوهام المضللين؛ فأنشأ (نظام الملك) مدرسة عرفت (بالمدرسة النظامية) ، وكانت نقطة الانطلاق في الاتجاه لبناء مثل هذه المدرسة حتى عند من جاءوا بعد السلاجقة؛ فقد أنشأ (نور الدين زنكي) أول مدرسة في دمشق، كما أن الأيوبيين وضعوا حدا للحكم الشيعي في مصر وأعادوا مصر إلى السنة، وأنشأوا المدارس التي أشاعت السنة، واستمر إنشاء المدارس بعد سقوط الأيوبيين وقيام المماليك بحكم مصر.

وفي القرن الخامس ظهر ثلاثة من العلماء كانوا قمما في مضمار التربية الإسلامية وتحديد أصولها وأهدافها ووسائلها، منهم علي بن محمد الماوردي (٣٦٤- ٤٥٠هـ) ، وأحمد بن علي الخطيب البغدادي (٣٩٢- ٤٦٣هـ) ، وأبو حامد الغزالي (٤٥٠- ٥٠٥هـ) .

وقد حددوا هدف التربية بأنها إعداد الإنسان للحياة الدنيا والآخرة وتربية العقول؛ إذ إن الهدف من طلب العلوم عند الغزالي هو التقرب إلى الله دون الرياسة والمباهاة والمنافسة.

وأما من الناحية المنهجية فتأتي العلوم الدينية في مقدمة المنهج، ثم العلوم المهنية، ولابد للمتعلم من التزود بثقافة كاملة واطلاع على كل العلوم، ثم التخصص.