للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونأخذ الآن في أساليب الدعوة في القرآن الكريم بادئين بالأساليب العقائدية فنقول: لقد بدأ ت الدعوة إلى الله تعالى في المرحلة المكية من حياة النبي صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى العقيدة الإسلامية وتقريرها، وتثبيتها في القلوب، واستمرت على هذا النحو طوال هذه المرحلة، والمرحلة التالية وهي المرحلة المدنية، وستظل كذلك إلى ما شاء الله تعالى.

ولا بدع في ذلك: إذ أن البدء بغرس العقيدة في النفس كالبدء بغرس الحبة في الأرض، وهو أول عمل يقوم به من يريد أن يحصد الزرع المثمر. ولا ريب أن ثمار العقيدة هي الأخلاق وتكوين حماة الدعوة وأبطالها، وتربية جنود الإسلام على الصبر والثبات، والتضحية، والصدق والجهاد في الله حق جهاده، لنشر راية الإسلام والدفاع عنها.

وهذا هو ما حدث في الماضي البعيد، على يد الأنبياء والرسل والهداة.. وفي الماضي القريب على يدي النبي الخاتم صلوات الله عليه وسلامه، ويحدث في مختلف مراحل التاريخ على يد دعاة الإسلام الذين لا يبدؤون دعواتهم إلا بالدعوة إلى التوحيد الخالص ومحاربة الشرك والوثنية في شتى صورها. وهذه هي الدعوات الناجحة التي تستقيم بعدها أحوال العباد.

ولقد شبه القرآن الكريم تمكن (لا إله إلا الله) من قلب المسلم، وإثمارها الفضائل والعمل الطيب.. في سائر الأوقات ما دامت على هذا النحو. بالشجرة الطيبة الثابتة الجذور فهي تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (إبراهيم آية ٢٤-٢٥) .