كان قد غلب على عثمان طابع التقوى والرفق واللين فكان في هذا الجانب من أقوى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وناهيك بالشهادات التالية: قالت عائشة لما بلغها مقتل عثمان: قتلوه وإنه والله لأوصلهم للرحم وأتقاهم للرب، وهو أحد المبشرين بالجنة، وأحد الستة الذين توفي رسول الله وهو عنهم راض. وقال فيه عبد الله بن عباس بن عبد المطلب رضي الله عنه: رحم الله أبا عمرو، كان والله أكرم الجعدة وأفضل البررة، هجاداً بالأسحار، كثير الدموع عند ذكر النار، نهاضاً عند كل مكرمة، حيياً أبياً وفياً، صاحب جيش العسرة وختن رسول الله. وقال فيه غير واحد: إنه كان طيب النفس حليماً متواضعاً رفيقاً بالناس، قال فيه المسعودي كان عثمان في نهاية الجود والكرم والسخاء والبذل في القريب والبعيد.
فغلب جانب الورع والتقوى والحلم والكرم جانب السياسة والحزم والدهاء، فلذا كان ضعيفاً في السياسة، قال فيهم بعضهم: كان عثمان عفان شيخاً كبيراً ضعيف الإرادة فلم يستطع الاضطلاع بأعباء الحكم رغم نزاهته وفضائله الكثيرة رضي الله عنه، وقد أثار بسياسة الضعف التي سار عليها مع انحيازه إلى ذوي قرباه ومحاباتهم كراهة بعض الناس من أهل المدينة ومن غيرهم من أهل الأمصار، مما جر عليه تلك الفتنة التي انتهت بقتله، وما انتهت في الحقيقة إلى اليوم، إذ كانت بداية ولم تكن لها نهاية ... والله غالب على أمره، وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ومع ضعف سياسة عثمان رضي الله عنه فقد كانت خلافته خيراً وبركة على المسلمين، فقد شهد المسلمون على عهده من الأموال والخيرات والكثرة الفتوحات، ما لم يشهدوه في خلافة من قبله ولا من بعده. ويكفي من ذلك فتح أفريقيا والذي كان خطوة أولى إلى فتح بلاد الأندلس.