أما علم عثمان فكان علماً غزيراً، كتب للرسول صلى الله عليه وسلم، واتخذه سفيراً بينه وبين قريش في صلح الحديبية، واستخلفه على المدينة في غزوته ذات الرقاع، وقد روي له ستة وأربعون حديثاً ومائة، ويكفيه علماً حفظه لكتاب الله وهي منقبة اختص بها إذ لم يجمع القرآن من الخلفاء الراشدين سواه، وكذا من الخلفاء وغيرهم ممن جاء بعدهم إلا المأمون بن هارون الرشيد، فإنه كان جامعاً للقرآن حافظاً له، ومن حفظ القرآن من أولئك البررة السابقين كان كمن أدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه.
كرامته:
إن لكل ولي كرامة عند الله، وكيف لا يكرم الله وهو ذو الكرم والفضل أولياءه، وما يكرم به الله أولياءه من الكرامات أنواع: منها الدعوة المستجابة، ومنها أن يثأر الله تعالى ممن آذى وليه وعاداه، ومن كرامات عثمان على ربه تعالى ما أخرجه أبو نعيم في الدلائل، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن جهجاه الغفاري قام إلى عثمان وهو على المنبر يخطب فأخذ العصا من يده فكسرها على ركبته. فما حال الحول على جهجاه حتى أرسل الله في رجله الأكلة فمات منها، ومنها ما أخرجه ابن عساكر عن يزيد بن حبيب قال: بلغني أن عامة الركب الذين ساروا إلى عثمان عامتهم جُنُّوا، والعياذ بالله تعالى.
وفاته رضي الله عنه:
قضى عثمان رضي الله عنه اثنتي عشر سنة في خلافة المسلمين، منها ست سنوات لم ينقم المسلمون فيها عليه شيئا أبداً، بل كان فيها أحب إلى قريش من عمر بن الخطاب، قال الزهري: لأن عمر كان شديداً عليهم، فأما عثمان فلان لهم ووصلهم.