للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شعاع الشمس في السيف الصقيلِ

يريك تألُّقُ المعروف فيه

لقد أرانا أبو عبادة الجود وهو المعاني التي لا تحس متألقا يشع من وجه الممدوح المضيئ، وما قوله شعاع الشمس في السيف الصقيل فإنه عَوْذَةُ كلامه كما كان يقول الثعالبيُّ وفيه كما ترى وصف التماع شعاع الشمس الخافق منعكساً في التماع السيف الصقيل وهذا تشبيه رائع أُعْجب به الشاعر الشامي المشهور السري الرفَّاء فأخذه من بيت البحتريِّ وذلك في قوله:

مجال الماء في السيف الصقيل

أتتك يجول ماء الطبع فيها

لقد رام السريّ مراماً صعباً فأخذ الماء والسيف الصقيل ولكنَّه لم يستطع أن يأخذ من بيت البحتري تألقه ولا التماع الشعاع فيه؛ مسكين أنت أيها السريُّ فقد أتعبك شعر البحتري وصدق عليك قوله:

تعلقن من قبلي وأتعبن من بعدي.

سوائر شعر جامع بدد العلى

إن الشعر أبي عبادة فرس أرَّن لا يتعب ولا يلغب وبعض الشعر يتعب ويلغب، كما قال هو عن قصائده:

وبعض الشعر يدركه اللغوب

بلغن الأرض لم يلغبن فيها

وهذا قريب مما تقدم قول البحتريّ:

يضيئ على العيون ويستنير

يجلِّي سدفة الهيجا بوجه

رأيت الماء يلبسه الصبير

إذا لمعت بوادي البشر فيه

ولا نغالى إذا قلنا إن شعر البحتري كله بريق ولمح ولمع ومن هنا كان الشعر عنده لمحاً كما قال:

وليس بالهذر طُوِّلَت خطبه

والشعر لمح تكفي إشاراته

هذا وكان البحتري يجيد وصف آثار الذعر كقوله يصف السحاب:

ذَعَرَ الأجدالَ في السماء حفيفه

صخب العشيِّ إذا تألق برقه

سجل هنا رعشات الذعر التي تصيب قلوب الأجدال من حفيف هذا السحاب الذي جعله كأنَّه أجدل كبير أو رُخٌّ أخافها وكأنَّ هذا من قول علقمة الفحل:

سحابة صواعقها لطيرهن دبيب

كأنهم صابت عليهم