للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا أقصد به القلب المادي الذي يضخ الدم لأنحاء الجسم، بل أقصد به القلب من حيث المعاني القرآنية الروحية، التي وردت في ذكر القلب، إذ أن هناك كثيراً من الناس لها قلوب من لحم ودم، ولكن ليس لها قلوب روحية أو معنوية، وقد أشار الله تعالى لهذا في قوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} ق/ ٣٧، وإن بعض الناس قلوبهم عمياء {لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا} الأعراف/١٧٩، فالقلب المعنوي أو الروحي قلب مطمئن بالإيمان لأنه ذاكر لله دائما {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوب} الرعد/ ٢٨، وهو كذلك قلب بعيد عن النفاق والرياء والشرك، يبين الله تعالى فوز صاحبه يوم القيامة في قوله: {إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} الشعراء/ ٨٩، قلب لا يخشى إلا الله، لا تجده وجلاً إلا من خالقه، بين الخوف والرجاء يرجو رحمته ويخشى عذابه، فوصف صاحبه بالإيمان في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} الأنفال/ ٣ قلب فيه الرأفة والرحمة: {وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً} الحديد/ ٢٧ قلب منيب تائب هادئ: {مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ} ق/ ٣٣، {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ} الفتح/١٨.

وقلوب المؤمنين مؤلفة مؤتلفة متجانسة {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} الأنفال/ ٦٣، واطمئنان القلب، واعتقاده بالله، والإيمان به، والثقة به، لا تتغير مهما كانت الظروف والأحوال، لو تغير اللسان، بالأقوال والجوارح بالإكراه: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} النحل/١٠٦.