للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وربما وقف كثير من أذكياء المخالفين عن الدخول في هذا الدين، بعدما وضحت إليه دلائله، وبرزت له من جمالها دقائقه وجلائله لحكمة أرادها منزله، وأحكمها بجمله ومفصله، فإذا استعان الله، وأدام الطرق لباب الفرج بإنعام التأمل وإظهار العجز، والوثوق بأنّه في الذروة من إحكام الربط، كما في الأوج من حسن المعنى واللفظ، لكونه من جلّ عن شوائب النقص، وحاز صفات الكمال إيمانا بالغيب، وتصديقا بالرب، قائلا ما قال الراسخون في العلم: {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} ، فانفتح له ذلك الباب ولاحت له من ورائه بوارق أنوار تلك الأسرار، رقص الفكر فيه طربا، وسكر والله استغرابا وعجبا، وطاش لعظمة ذلك جنانه، فرسخ من غير ريبة إيمانه، ورأى أن المقصود بالترتيب معان جليلة الوصف بديعة الرصف، عليَّة الأمر، عظيمة القدر، مباعدة لمعاني الكلام على أنّها منها أخذت، فسبحان من أنزله وأحكمه وفصله، وغطّاه وجلاّه، وبينه غاية البيان وأخفاه، وبذلك أيضا يوقف على الحق من معاني آيات حار فيها المفسرون لتضييع هذا الباب من غير ارتياب... وبه تتبين لك أسرار القصص المكررات، وأنّ كل سورة أعيدت فيها قصة فلمعنى أدعى في تلك السورة استدل عليه بتلك القصة غير المعنى الذي سيقت له في السورة الثانية السابقة، ومن هنا اختلفت الألفاظ بحسب تلك الأغراض، وتغيرت النظوم بالتأخير والتقديم، والإيجاز والتطويل، مع أنّه لا يخالف شيء من ذلك أصل المعنى الذي تكونت به القصة، وعلى قدر غموض تلك المناسبات يكون وضوحها بعد انكشافها".

أول من تكلم بالمناسبة: