هذا في الأمانة. أما ما جاء في العدل. فهو أعظم. فمن سورة الأنعام يقول تعالى في الوصايا العشر:{وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا} فهو تعالى يأمر بالعدل في القول، وهو يتناول الأخبار، فيلتزم المؤمن في أخباره بالصدق المنافي للكذب، ويتناول الشهادات، فيلتزم المؤمن فيها بالعدل فيؤديها كما تحملها فلا يحرفها ولا ينقص فيها ولا يزيد، كما لا يخفى شيئا ولا يكتم آخر منها. ويتناول الأحكام إذ من شأنها تصدر بالقول فيلتزم الحاكم العدل في حكمه ولو حكم على نفسه أو أقرب الناس إليه.
ومن سورة (ص) ينادى تعالى عبده داود ويذكره بما مَنّ عليه به من نعمة الدولة والسلطان ويأمره بالعدل في الحكم فيقول: {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} .
ومن سورة الحجرات يأمر الله تعالى المؤمنين بالعدل في الصلح إذا أصلحوا بين المختصمين ويأمرهم بالعدل في الحكم ويرغبهم فيه بذكر حبه لأهله فيقول:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} .
ومن أجلَّ ما ورد في السنة في شأن العدل وفضله وفضل أهله- جعلني الله وإياكم من أهله- قوله صلى الله عليه وسلم:"إن المقسطين عند الله يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين، هم الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وَلُوا". رواه مسلم وأحمد والنسائي.