ب- الدعوة إلى تطوير الصورة الشعرية: استفاد الديوانيون من التطوير الكبير الذي أحدثه الرومانسيون الغربيون، في مفهوم الصورة الشعرية واستعمالاتها؛ فاهتموا بها اهتماما كبيرا، وعدوها عنصرا أصيلا في البناء الشعري، تنقل الأحاسيس وتهتم باللباب والجوهر ... في العلاقة بين الأشياء، لا بالتشابه الخارجي، وهاجموا الصورة التقليدية التي يعتمد عليها الشعراء المحافظون واتهموها بالافتعال والمبالغة، والنمطية والتصميم، والحسية الحرفية الشكلية. يقول العقاد في هجومه العنيف على شوقي وأسلوبه في التصوير: إذا كان كذلك من التشبيه أن تذكر شيئاً أحمر، ثم تذكر شيئين أو أشياء مثله في الإحمرار فما زدت على أن ذكرت أربعة أو خمسة أشياء حمراء، بدل شيء واحد، ولكن التشبيه أن تطبع في وجدان سامعك وفكره صورة واضحة مما انطبع في ذات نفسك، وما ابتدع التشبيه لرسم الأشكال والألوان، فإن الناس جميعا يرون الأشكال والألوان محسوسة بذاتها كما تراها، وإنما ابتدع لنقل الشعور بهذه الأشكال والألوان من نفس إلى نفس)) [٦] .
جـ - الدعوة إلى التحرر من القافية: كان عبد الرحمن شكري من أوائل الشعراء الذين حاولوا التخلص من القافية الموحدة، وقد كتب عدة قصائد لم يراع فيها وحدة الروي، كما أن العقاد تبنى الدعوة لترك القافية، وعدها إحدى معوقات الشعر العربي عن التطور؛ قال: ليس بين الشعر العربي وبين التفرد والنماء إلا هذا الحائل، فإذا اتسعت القوافي لشتى المعاني والمقاصد، وانفرج مجال القول، بزغت المواهب الشعرية على اختلافها، ورأينا بيننا شعراء الرواية، وشعراء الوصف، وشعراء التمثيل، ولا تطول نقرة الأذن من هذه القوافي، ولاسيما في الشعر الذي يناجي الروح والخيال أكثر مما يخاطب الحس والآذان)) [٧] .