ولقد تجسمت لي عاطفة الأستاذ الندوي وكل في عنوان كتابه المشهور (ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين) في هذه الرحلة أكثر من أي وقت مضى -على الرغم من أنّي قرأت الكتاب مرات- ولكني تخيلت الأستاذ الندوي تدمع عيناه مع قلمه وهو يكتب العنوان. وحقا لقد كانت خسارة العالم فادحة: فإن الغرب قطع أشواطا بعيدة في الصناعة والتجارة والإدارة وغيرها من النظام التي تحقق له الرفاهية المادية في ظاهر الأمر، ولكنه يلهث لما يحقق له الراحة الحقيقية راحة القلب وطمأنينته. وهذه لا توجد إلا عند المسلمين:{أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} والمسلمون يأكلون ويشربون وينامون متناسين أن لهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة والله تعالى قد قال لنبيه {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} ، ومتناسين أنهم خير أمة أخرجت للناس. يجب عليهم أن يقودا البشرية الضائعة إلى الله مع وجود الإمكانات الهائلة في جميع المجالات. وعلى الجامعة الإسلامية بالذات أن تحمل عبئها وأن تنفذ كل ما تقدر عليه من توصيات مؤتمر الدعوة، وتوجيه الدعاة الذي دعت إليه وعلى مجلس شئون الدعوة أن يصل ليله بنهاره لدراسة شئون الدعوة فعلا والتخطيط لمستقبلها في الدنيا دون نظر لشيء غير الواجب الملقى على عاتقه ولا يكون كبقية المجالس التي تجتمع وتنفض بالتألم والتأوه دون نتائج تذكر. ولقد بدا لي أن كثيرا من المراكز الإسلامية الرسمية في العالم ماهي إلا فقاقيع تحب أن تحمد بما لا تفعل. فلا يجوز الركون إليها ولا الثقة بتقاريرها.