للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعروف على التحقيق أن هجرة النبي صلى الله عليه وسلم كانت في شهر ربيع الأول وفي ((فتع الباري)) : ((ولاشك أن قدومه كان في ربيع الأول فحينئذ كان الأمر بذلك في أوّل السنة الثانية، وفي السنة الثانية فرض شهر رمضان؛ فعلى هذا لم يقع الأمر بصيام عاشوراء إلاّ سنة واحدة، ثم فوض الأمر في صومه إلى رأي المتطوع)) .

ويظن كثير من الناس أن صيام اليهود يوافق يوم العاشر من المحرم وهو وَهْم. فما كان اليهود يصومون عاشوراء: العاشر من المحرم، بل هو يوم عاشوراء آخر. ولا يسمونه عاشوراء. ولكنه يقع في اليوم العاشر من الشهر السابع من السنة العبرية، ولذلك التبس الأمر على شراح الحديث؛ فظنوا أن صيام اليهود وقع يوم العاشوراء ولم يقع ذلك.

ومعروف أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصل المدينة ودخلها يوم الاثنين المصادف يوم صيام اليهود، وهذا اليوم العاشر من شهر تشرين الذي قابل- في تلك السنة- يوم العشرين من سبتمبر سنة ٦٢٢ م وهو اليوم العاشر من شهر تشرين سنة ٤٣٨٣ عبرية [٤]

وقد جاء في مؤلفنا ((حجة النبي صلى الله عليه وسلم)) [٥] صفحة ٤٥٢ أن العلامة الكبير محمود حمدي باشا الفلكي، قد حقق يوم مغادرة الرسول صلى الله عليه وسلم مكة مهاجرا إلى المدينة، وبصحبته أبو بكر الصديق؛ وقال: إنه يوم الاثنين التاسع من شهر ربيع الأول الموافق ١٣ سبتمبر سنة ٦٢٣ م. ودخل قباء يوم الاثنين الثامن من شهر ربيع الأول الموافق ٣٠ سبتمبر سنة ٦٣٣ ميلادية.

وإذا كان شراح الحديث وقعوا في وهم، حملهم على اضطراب أقوالهم في تحديد يوم عاشوراء، يوم صيام اليهود؛ فإن محمود باشا الفلكي قد انتهى إلا وضع حد لما كان قد نجم من الوهم والاضطراب، وقد أزالهما بتحقيقه الذي ذكرناه، وكان قوله فيصل الأقوال فيما شجر من خلاف في هذا السبيل.