قال العلامة أبو السعود في تفسير هذه الآية:{بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} ١. قال:"إضراب عن كون مدار اتفاقهم على الشرِّ تواصيهم بذلك، وإثبات لكونه أمرا أقبح من التواصي، وأشنع منه، من الطغيان الشامل للكل الدال على صدور تلك الكلمة الشنيعة عن كل واحد منهم بمقتضى جبلّته الخبيثة لا بموجب وصية من قبلهم بذلك من غير أن يكون ذلك مقتضى طباعهم".
فلولا هذه النفوس الخبيثة، وهذه الطباع السيئة لكان أدنى تفكير في هذه الكلمة القرآنية الحاسمة:(صاحبكم) كفيلا بأن يردهم إلى الصواب، وينطقهم بما هو أجدر بعقولهم، ومكانتهم في قولهم وفي العرب فيرجعوا عن بهتانٍ هم أول من يعلم أنه بهتان.
لو أن محمدا- صلى الله عليه وسلم- كان من شعب آخر غير الشعب العربي، أو لو أنه رُبِّى في بيئة أخرى غير بيئة مكة، أو بين ظهراني قومٍ غير قريش، لو كان شيء من ذلك لكان لقولهم وجه ما.
وقد زعم مشركو مكة أن محمدا -صلى الله عليه وسلم- تعلم القرآن من بشر. قال تعالى:{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَر}(النحل آية ١٠٣) .
واختلفت نقول المفسرين في تعيين هذا البشر، ولكن اتفقت كلمتهم- كما أكد القرآن الكريم- على أنه رجل ليس بعربي.