للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليهود قالوا لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا، والنصارى قالوا لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيا، ولا يمكن أن يفهم من الآية إلا هذا. لما هو معروف من العداوة بين الفريقين. ومن هنا أوجز القرآن غاية الإيجاز في الرد عليهم: {قل هاتوا برهانكم} ، فليس هناك أبلغ في التكذيب والتبكيت، وإبطال زعم الزاعمين، وتخرص الكاذبين من أن تطلب إليهم أن يجيئوا بالبرهان، وأنت على يقين من أنه لا برهان عندهم، فتطالبهم ببرهان لن يجيئوا به، وتشكك في صدقهم، فلما عجزوا عن إقامة البرهان على ما يزعمون تأكد كذبهم، وبطل زعمهم.

وقد سلك البوصيري- رحمه الله- هذا النهج القرآني فجاء بما تقره العقول الراجحة المنصفة، وبما يقف الخصم أمامه حائرا مبهوتا:

خبِّرونا أهلَ الكتابَيْن من أيـ

ـن أتاكم تَثْليثكم والبَداء؟

ما أتى بالعقيدتين كتابٌ

واعتقاد لا نصَّ فيه ادّعاء

والدَّعَاوى إن لم تقيموا عليها

بيناتٍ أبناؤُها أدْعياء

- وقضية البعث لعلها ظفرت من القرآن الكريم -بعد قضية الوحدانية- بأوفى نصيب. فقد: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} (التغابن الآية ٧) . {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ} (النحل: الآية ٣٨) وقالوا: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْر} (الجاثية: الآية ٢٤) {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} (الأنعام: الآية ٢٩) .