فقد صرحت الآية بجمع عظام الإنسان المتفرقة، كما نصت على تسمية بنانه، وقد كشفت العلوم الحديثة عن هذا السر، إذ تبين أن البشرية بأسرها، قد ميز الله العليم القادر بين جميع أفرادها بميزة لا يمكن أن يشترك فيها اثنان منهم، حتى الأب مع ابنه، تلك الميزة هي اختلاف البنان، تلك الخطوط الدقيقة في أنامل كل إنسان. فقد ثبت علميا اختلاف بصمات أفراد البشرية في هذا العالم كله- أي اختلاف بنانهم.
وإذا كان الأمر كذلك، وقد أخبر تعالى (أنه قادر على جمع عظام الإنسان وإعادة بنان كل فرد بهيئته وشكله وصورته، فكيف يستبعد الجاحد على من هذه قدرته، إعادته إلى الحياة مرة أخر ى.
وبالتالي فالآية نص صريح في جمع الأجزاء المتفرقة حتى أصغر جزء منها، ودليل على أن بدن الإنسان يتفرق ولا ينعدم.
الراجح من القولين:
وبعد عرض هذه الآيات من القرآن الكريم، يتبين لنا أن الأولى بالترجيح هو القول بتفرق بدن الإنسان، لا إعدامه، ذلك التفرق الذي تذهب معه الصورة الأصلية لأجزاء بدن الإنسان وتتغير تغيرا كليا، بحيث تصبح متصورة بصورة التراب، وهذا ليس معناه عدما فإن التراب موجود، وهو أصل مادة الإنسان فمنه وجد وإليه يعاد ومنه يخرج مرة أخرى. قال تعالى:{مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} (طه: الآية ٥٥) إلا ما نصت السنة الصحيحة على بقائه بعينه، وعدم تحوله عن صورته.