أولا: أنّ الاستدلال بحديث أبي سعيد هنا لا يتم، لما قلناه سابقا، من أنه وارد في منع المرأة من السفر بدون محرم لها أو زوج مدة يومين، بينما المستدل عليه هو السفر المبيح للفطر، وهناك فارق كبير بين الأمرين، فخروج المرأة منفردة في مثل هذه المسافة يترتب عليه مفاسد كثيرة ... أما المسافر فقد شرع له الفطر والقصر دفعا للمشقة الحاصلة من السفر، والمشقة قد تحصل بدون ذلك.
ثانيا: أن الأحاديث الواردة في منع المرأة من السفر وردت باليوم، واليومين. والثلاثة، فاختيار حديث اليومين دون غيره تحكم.
ثالثا: تقدير مسيرة اليومين بأربعة برد يتساوى مع تقدير مسيرة اليوم والليلة، بهذا المقدار، مع أن ما يقطعه المسافر في اليومين والليلتين، ضعفه ما يقطعه في اليوم والليلة ...
ويجاب عن هذه المناقشات بما يلي:-
بالنسبة للمناقشة الأولى:-
فيجاب عنها بما أجيب به سابقا، وهو أننا لا نستدل بالحديث لأجل قياس السفر الذي تتعلق به الرخصة على سفر المرأة، بل إنما يستدل به من حيث إطلاق لفظ السفر على مسيرة اليومين. أي أن الاستدلال بهذا الحديث في هذا الموضع هو من قبيل التفسير والبيان لتحديد المراد من لفظ السفر الوارد في الآية..
ويجاب عن المناقشة الثانية:
بأن اختيار حديث اليومين ليس من قبيل التحكم، لأنه أوسط الأزمان الثلاثة الواردة في الموضوع. وأعدل الأمور هو أوسطها..
أما المناقشة الثالثة:
فيجاب عنها بما أشرنا إليه سابقا، من أن لا يقطع من المسافة في مسيرة اليومين بالدابة البطيئة، مع عدم الجد في السفر وكون الوقت شتاء فإنه يتساوى مع ما يقطع منها في اليوم والليلة، إذا كانت خفيفة سريعة مع الجد في السير وكان الوقت صيفا.