للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٤ـ والعادة في التفوق العسكري في العدد والعتاد والخبرة موجب لنصر من توفر ذلك له وهزيمة عدوه، ومع ذلك قد يوجد من هو متفوق عددا وعدة وخبرة ثم ينهزم أمام من هو أضعف منه في ذلك، فكون القوة موجبة للنصر موجب للأخذ بالسبب، وكونه قد ينهزم من توفر له ذلك يوجب الاعتماد على الله، والأمثلة لذلك لا تستطاع حصرا.

ولنلقي نظرة خاطفة على موقف الأديان السماوية من فهم التوكل على الله متمثلا في أئمة الهدى وقادة الخير رسل الله عليهم الصلاة والسلام.

١ـ فهذا نوح عليه السلام يأمره ربه الذي يقول للشيء كن فيكون أن يصنع سفينة لينجو فيها هو وأتباعه المؤمنون عندما يعم الطوفان الأرض فيهلك كل من لم يكن فيها، فأمره الله بصنع سبب طبيعي مع أنه قادر على أن ينجيه وقومه بدونها ولم ينس نوح ربه الاعتماد عليه حينما أراد الركوب في السفينة إذ قال لقومه: {ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} . وكذلك موسى حينما أراد الدخول ببني إسرائيل البحر بأمر ربه ليخلص بهم من فرعون وقومه الذين كتب هلاكهم، أمره ربه أن يضرب بعصاه البحر فضربه فانفلق، مع أن الله قادر على فلقه بدون العصا، وماذا كانت تفعل العصا لولا قدرة الله التي كانت وراءها.

٢ـ وهذا إبراهيم عليه السلام يأخذ بالسبب الطبيعي لنجاته من قومه الذين ما كانوا ليدعوه لو بقي عندهم يدعوهم إلى دين الله الحق، فقرر الهجرة إلى أرض أمره الله بالهجرة إليها، وعندما ألقى في النار لم يتزلزل ولم يضعف لاعتماده على ربه الذي جعلها بردا وسلاما عليه.