٣ـ وكذلك موسى عليه السلام عندما قتل القبطي وتآمر القوم ليقتلوه فجاء من نصحه بالخروج لم يتلكأ بل خرج من فوره آخذا بالأسباب الطبيعية، ولم ينس ربه بل أظهر اعتماده عليه، قال تعالى:{وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ, فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} ، فخروجه أخذ بالسبب، ونداؤه ربه ليسلمه من أعدائه اعتماد على الله.
٤ـ وهذا خاتم الرسل عليه الصلاة والسلام يختفي في الغار ثلاثة أيام مع صديقه - رضي الله عنه - ويقول له عندما يراه يخاف عثور القوم عليهم: ما ظنك باثنين الله ثالثهما! ويقول الله عنهما: {إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا} ، فاختفاؤه - صلى الله عليه وسلم - في الغار أخذ بالسبب الطبيعي وقوله: إن الله معنا، اعتماد على الله تعالى.
ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا عدوى ولا طيرة"، حثاً على التوكل وعدم اعتقاد أن السبب مستقل بنفسه، ويقول:"فر من المجذوم"، حثا على الأخذ بالأسباب الطبيعية ... ومن أجمع الأحاديث النبوية وأكملها في الأخذ بالأسباب مع الاعتماد على الله تعالى حديث أبي هريرة عند مسلم قال:"المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، إحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان".