للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مما تميز به علي بن أبي طالب بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سرعة البداهة فقد كان يسأل عن المعضلات فيجيب بما هو شفاء فيها على البداهة بدون ترو ولا تفكر وكان ذا حجة قوية إذا قال أو خطب، أو خاصم, ونذكر لسرعة بداهته الحادثة التالية: ذكر ابن عبد البر في الاستيعاب في الجزء الثالث عند الكلام على علي رضي الله عنه قال: "روي عن زر بن حبيش أن رجلين جلسا يتغذيان, مع أحدهما خمسة أرغفة ومع الآخر ثلاثة أرغفة، فلما وضع الغذاء بين أيديهما مر بهما رجل فسلم، فقالا اجلس للغذاء فجلس وأكل معهما واستوفوا في أكلهم الأرغفة الثمانية، فقام الرجل وطرح إليهما ثمانية دراهم وقال: خذا هذا عوضا عما أكلت لكما ونلته من طعامكما فتنازع الرجلان في قسمة الدراهم الثمانية بينهما، وقال صاحب الخمسة الأرغفة: لي خمسة دراهم، وقال لصاحب الثلاثة: لك ثلاثة دراهم. فأبى صاحب الثلاثة الأرغفة إلا أن تكون الدراهم بينهما نصفين، فارتفعا إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقصا عليه قصتهما، فقال لصاحب الثلاثة الأرغفة: قد عرض عليك صاحبك ما عرض، وخبزه أكثر من خبزك فارض بالثلاثة, فقال: لا والله، لا رضيت منه إلا بغير الحق. فقال علي رضي الله عنه: ليس لك في مر الحق إلا درهم واحد، وله سبعة. فقال الرجل: سبحان الله يا أمير المؤمنين, وهو يعرض علي ثلاثة فلم أرض، وأشرت علي بأخذها فلم أرض، وتقول لي الآن أنه لا يجب في مر الحق إلا درهم واحد فقال له علي: عرض عليك صاحبك الثلاثة صلحا فقلت لم أرض إلا بمر الحق ولا يجب لك بمر الحق إلا واحد. فقال الرجل: فعرفني بالوجه في مر الحق حتى أقبله فقال علي رضى الله عنه: أليس للثمانية الأرغفة أربعة وعشرون ثلثا، أكلتموها وأنتم ثلاثة أنفس ولا يعلم الأكثر منكم أكلا ولا الأقل، فتجعلون في أكلكم على السواء؟ قال بلى، قال فأكلت أنت ثمانية أثلاث، وإنما لك تسعة أثلاث، وأكل صاحبك ثمانية أثلاث وله