فنزل فأمر بفرسه فاسرج له، وركب معه نفر من أهل بيته، منهم أخ له يقال له حسان، فركب وخرجوا معه، ففرت البقر أمامهم فطاردوها, وبينما هم كذلك، تلقتهم خيل رسول الله بقيادة خالد, فأسرت أكيدر وقتلت أخاه, فلما صار في أيدي المسلمين صالح خالد، ودخل به الحصن فافتتحه ومن معه من الفرسان, وكان صلحه على ألفي بعير وثلاثمائة رأس من الرقيق، وأربعمائة درع، وأربعمائة رمح. وتوجه خالد ومعه أكيدر يطلبان الرسول، الذي كان قد انصرف عن تبوك عائدا إلى المدينة, فقدم إليها خالد ومعه أسيره، وما صالح عليه أهل الحصن فأقرّ الرسول ما أمضى خالد [٣٨] .
وعجب الناس لهذه الحادثة وقول رسول الله "ستجده يصيد البقر" فقال رجل من طيء: "وما صنعت البقر تلك الليلة حتى استخرجته"، لتصديق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذُكر أن أكيدر قال عن البقر:"والله ما رأيتها قط جاءتنا إلا البارحة. وقد كنت أضمر لها اليومين والثلاثة، ولكن قَدَّر الله". فقال صاحب طيء:
رأيت الله يهدي كل هاد [٣٩]
تبارك سائق البقران إني
وأطلق رسول الله أكيدر وكتب له أمانا كما كتب لغيره [٤٠] . ولعل إصدار هذه الكتب من الرسول يدل على سيادة المسلمين على هذه المناطق. أي السيطرة على حدود الجزيرة العربية في الشمال. وبهذا حقق الرسول هدفه من تأمين حدود شبه الجزيرة، وأقام من هذه البلاد والحصون معاقل متقدمة بينه وبين الإمبراطورية البيزنطية، حتى يأتي دور إخضاعها نهائيا.