وكانت شوارع المدينة مع نظافتها وجمالها تزداد جمالا بتلك الحلية الربانية التي منحها الخالق: الأشجار التي تحفها من الجانبين, وعندما خرجنا من المدينة زادت الدهشة من تلك الغابات التي تشبه السحب المتراكمة كالجبال بعضها فوق بعض, ولا يرى الإنسان شيئا من اليابسة في الجبال والوديان اللهم إلا ذلك الطريق الملتوي مثل الثعبان بين تلك الجبال والغابات وبعض البيوت التي تكاد تكون محتجبة ما عدا اليسير فيها، وكان في تلك الغابات الأشجار الطويلة الفارعة الطول كأشجار النارجيل التي تشبه أشجار النخيل, ومنها المتوسط, ومنها القصير, ولذلك يرى الإنسان الغابة على هيئة طبقات مثل البحر الذي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب، ومنها ذو الثمرة كالمانجو والنارجيل والباباي والموز.... ومنه ذو القيمة التجارية والاقتصادية كالمطاط, وإنها لتأخذ بالألباب إلى الخالق سبحانه.
قلت للشيخ عبد القوي: هل رأيت مثل هذا من قبل؟ فقال: لا وإن كان يوجد في الباكستان ما يشبهه في بعض المناطق. قلت: إسمع هذا الحديث عن الجنة "فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر", فازدادت القلوب شوقا إلى الجنة.
قال الأخ عبد الله باهرمز: لقد مررنا بجبل ونحن في طريقنا إلى المطار صباحا فاندهش عبد البر عندما رآه مكسوا بتلك الطبقات من الخضرة فقال: إنني أَشعر كأنني في حلم ليت عندنا مثل هذا الجبل فقلت: سبحان الذي قسم أَرزاقه بين خلقه, كم من أَمة تتمنى وجود المطر والغابات مثلنا, وكم من أمة تتمنى وجود البترول الذي يوجد عندنا, وقد خصها الله دوننا بكثرة الأمطار والغابات والفواكه.