للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكن الأستاذ أحمد بهاء الدين يأبى الوقوف من عبارة أمير المؤمنين عند حدود المناسبة الخاصة، فيحاول أن يجعلها شاملة لكل ما يتصل بتفسير القرآن، ولا محصول لذلك في النهاية سوى تعطيل علوم التفسير، ومن ثم صرف المسلمين عن كتاب ربهم، الذي لا مندوحة لهم عن الرجوع إلى الراسخين في العلم ليتعلموا منهم ما تعذر عليهم فهمه من آياته ومفرداته.. عملا بأمر الله الذي يقول: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} ..

وهكذا رأينا الكاتب يتخذ من عبارة علي- رضي الله عنه- تُكَأةً ينطلق منها إلى إنكار صلاحية القرآن لحكم الشعوب الإسلامية، وكان عليه أن يسأل نفسه إذا كان ذلك كذلك فبأي نظام إذن كان علي ومعاوية يحكمان شعوبهما؟.. وبأي الأنظمة كانت هذه الأمة تساس طوال هذه القرون..؟

ولقد علم كل ذيِ صلة بالتاريخ أن هذه الشريعة الإلهية استمرت تحكم العالم الإسلامي كل هذه الأحقاب، وفي العصر العباسي بسطت جناحيها على أربعمئة مليون من مختلف الأجناس والألسنة، فساستهم بأفضل ما عرف البشر من العدالة والأمن.. وأن كل ما تواجهه اليوم من عقبات في ديار الإسلام إنما وفد عليها من أعدائه، الذين عجزت أسلحتهم عن قهره في سوح المعارك، فعمدوا إلى تطويع جيل من أبنائه للقيام بهذه المهمة، بعد أن غسلوا قلوبهم وأدمغتهم من كل أثر له، فراح هؤلاء يرددون ما لقنهم شياطينهم من مفترياتهم عليه. وليس هجومهم على نظام الحكم في الإسلام هذه الأيام سوى واحدة من صور المعركة بينهم وبين هذا الدين الخالد.