وبالرغم من كون (الإعجاز العلمي للقرآن) حقيقة يدركها كل من يتلو القرآن بفهم وتدبر، خاصة أولئك الذين لديهم معرفة أو إلمام بالعلوم الكونية، ومن يتابعون الثقافات المعاصرة المليئة بمعطيات العلوم الطبيعية ومعارفها، فإن هناك من يحملون حملة شعواء على من يحاول إظهار ما استكن في القرآن من آيات الله في الخلق وسنن في الفطرة، سبق إليها القرآن قبل أَن يكشف عنها علماء العصر الحديث. وهناك من يتخوفون ويشككون في الإقدام على دراسة هذا الجانب الإعجازي للقرآن، ويعترضون على أَهل التفسير العلمي لكونيات القرآن ويقولون بأن المعارف العلمية متغيرة، فلا يجوز أن نربط تفسير آيات القرآن الكريم بهذه المتغيرات العلمية، والتي تتمثل في الافتراضات والاكتشافات الأولية والنظريات.. الخ ويسوقون الحجج بنظرة موضوعية ضيقة، فيقولون بأن القرآن الكريم كتاب تعبدي وليس كتابا تعليميا، ولم يبعث به الرسول الخاتم -صلوات الله وسلامه عليه- ليعلم المسلمين دروسا في الفلك والرياضيات والطب والعلوم الطبيعية.. الخ.
وهؤلاء وأَولئك من المعترضين على أهل التفسير العلمي للقرآن، يرتكبون بمعارضتهم هذه خطأ فاحشا، وكأنهم يريدون أن لا يُفهم القرآن إلا كما كان يفهمه العرب الذين نزل القرآن بينهم، وغاب عنهم أن القرآن ليس مراداً به العرب وحدهم وقت نزوله،، بل أريد به البشرية كلها في كل مكان وزمان بحيث يفهم من آياته أهل كل عصر بقدر ما قدر الله سبحانه وتعالى لهم من العلم. والمعترضون باعتراضهم هذا يعطلون تجديد حجة الله سبحانه للناس بتجدد إعجاز القرآن العلمي من خلال فهمه على ضوء المعطيات الحديثة للعلوم.