للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهم لا يرون أي مبرر للخوف أو الانزعاج إذا ما تغيرت نظرة علمية عن سنة كونية، فالخطأ يرد إلى المفسرين نتيجة حتمية لقصور الفكر الإنساني، ولا يردُ إلى ما طرأ من انفكاك في المقابلة بين السنة الكونية ونظيرتها القرآنية. ولا يغيب عن بالنا أن (المتعرضين لتفسير كتاب الله عرضة للخطأ، وإلاَّ لاشترطنا في المفسر أن يكون معصوما من الخطأ، وهو شرط مستحيل تحققه في غير نبي، وتكون النتيجة تحريم تفسير آيات القرآن على كل لسان بعد عهد النبي عليه الصلاة والسلام، يستوي في ذلك التفسير الكوني وغير الكوني من آيات القرآن [٤] .

كما أن ظاهرة اختلاف المفسرين في تفسيرهم لكتاب الله، لم يوقف المسلمين عن تفسيرهم لكتاب الله عصراً بعد عصر وجيلاً بعد جيل، ورغم ما قد يوحي به هذا الخلاف من وجود تناقض بين معاني آيات القرآن الكريم، ولم نر من يطالب بعدم التعرض لكتاب الله شرحاً أو تفسيراً أو إظهاراً لغريب كلماته، أو بيانا لإعجازه لغويا، وقد قام الخلاف المعروف ولا يزال بين مدارس اللغويين والنحويين بشأن تفسير القرآن الكريم.

بل إن علماء (الطبيعة) في بحثهم عن أسرار الكون، قد يصلون إلى نتائج قد تحتاج إلى تعديل فيما بعد لأنها- دائما- في حدود التجارب التي يقومون بها، ناظرين إلى تجاربهم كأنها مطلقة: فقالوا: -مثلا- إن الذرة لا تنقسم، وغفلوا عن أن ذلك في تجاربهم كان خاصا بالتفاعلات الكيميائية، ثم وفقهم الله سبحانه وتعالى إلى الكشف عن العناصر المشعة، وقاموا بأبحاثهم التي صححت معلوماتهم ونتائجهم عن الذرة.