فعلى حين يرى الإمامان أبو حنيفة وأحمد وإسحاق وابن حزم وعطاء والضحاك وابن قيس والزهري أنه لا يجوز ذلك وحرموا أخذ الأجرة وبه قال ابن مسعود محتجين بما روي عن عثمان بن أبي العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرأ" خرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد وصححه الحاكم [٦] . وأجاز الإمامان مالك والشافعي وكذلك ابن المنذر الاستئجار على الطاعات محتجين بحديث ابن عباس الذي خرجه البخاري وفيه "إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله"[٧] وأخذ أَصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الجعل على الرقية.
وأرى أنه يجوز الاستنابة في الحج إذا كان من وجب عليه الحج مريضا مرضا لا يرجى برؤه أو مات بعد أن وجب عليه الحج وأوصى به ولا يجوز إلا عن هذين فقط أي من مات بعد الوجوب عليه ومن عجز عجزاً مستمرا إلى الموت.
ويكون ما يتقاضاه النائب عنه من باب النفقة لا من باب الأجرة- لأنه إذا وقع بأجرة لم يكن قربَة ولا عبادة والحج عبادة ولا يجوز الاشتراك في العبادة- فمتى فعله من أجل الأجرة خرج عن كونه عبادة فلم يصح- وإنما يصح على أنه نائب عمن وجب عليه الحج وما يدفع إليه من المال يكون نفقة لطريقه- فلو مات أو أحصر أو مرض أو ضل الطريق لم يلزمه الضمان- نص عليه أحمد لأنه إنفاق بإذن صاحب المال [٨] .
هل يجوز لمن يحج عن الغير أن ينوب عن أكثر من واحد في عام واحد؟