بعد أن عرفنا أنه يجوز الاستنابة في الحج للعاجز عن أدائه بالموت أو بالعجز بسبب المرض الذي لا يرجى برؤه نقرر أنه يجوز أن ينوب الرجل عن الرجل والمرأة, والمرأة عن الرجل والمرأة باتفاق عامة العلماء- لم يخالف في ذلك إلا الحسن بن صالح- فإنه كره حج المرأة عن الرجل [٩] ويرد عليه بحديث الخثعمية التي قالت للنبي صلى الله عليه وسلم "إن فريضة الله على عباده في الحج قد أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستملك على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: "نعم"متفق عليه.
ولا يجوز أن ينوب عن أكثر من واحد في عام واحد بالنسبة لنسك الحج لأن الحج أشهر معلومات شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة. والوقوف بعرفات من ظهر اليوم التاسع من ذي الحجة إلى فجر اليوم العاشر هو الركن الأعظم. لقوله عليه الصلاة والسلام: "الحج عرفة فمن وقف بها ليلا أو نهاراً فقد تم حجه ومن فاته عرفة بليل فاته الحج فليحل بعمرة وعليه الحج من قابل" [١٠] وامتداد الوقوف إلى غروب الشمس واجب- فمن أفاض قبل ذلك وجب عليه دم عند أكثر أهل العلم- أبي حنيفة وأحمد وعطاء والثوري وأبي ثور وإبراهيم النخعي وعلقمة بن قيس والشافعي في رواية [١١] .
ويرى الإمام مالك أن استمرار الوقوف إلى ما بعد غروب الشمس ركن, فإذا دفع قبل الغروب فلا حج له عنده [١٢] وحجته ما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أدرك عرفات بليل فقد أدرك الحج ومن فاته عرفات بليل فقد فاته الحج فليحل بعمرة وعليه الحج من قابل", قال ابن عبد البر: "لا نعلم أحدا من العلماء قال بقول مالك" [١٣] .
فكيف لمن أراد أن يحج عن أكثر من واحد أن يأتي بالواجب على قول جمهور الفقهاء أو يأتي بالركن على قول مالك رضي الله عنهم جميعاً.