وقبل هذا كله كيف يأتي بالإحرام والنية عنهم جميعاً في وقت واحد وهي شرط أو ركن على اختلاف بين الفقهاء بشرط أن يكون الإحرام من الميقات. وقد نصَ الحنفية على أن "من أحرم على آمِريه ضمن النفقة ومعناه أن رجلاً أمره رجلان أن يحج عن كل واحد منهما حجة- فأهل بحجة عنهما فهي عن الحاج ويضمن النفقة، لأنه خالفهما، والمسألة على ثلاثة أوجه: ١- إما أن يكون أحرم عنهما جميعاً.٢- أو عن أحدهما غير معين ٣٠- أو أطلق, فإن نواهما جميعاً وهي مسألة الكتاب فقد خالفهما، لأن كل واحد منهما أمره أن يخلص له الحج وأن ينويه بعينه عند الإحرام فإن لم يفعل صار مخالفاً ولا يكون عن أحدهما إذ ليس أحدهما بأولى من الآخر فوقع عن المأمور"[١٤] .
ونص الحنابلة على أنه "إذا استنابه اثنان في نسك فأحرم به عنهما وقع عن نفسه دونهما لأنه لا يمكن وقوعه عنهما وليس أحدهما بأولى من صاحبه، وإن أحرم عن نفسه وغيره وقع عن نفسه، لأنه إذا وقع عن نفسه ولم ينوِها فمع نية أولى ٠٠٠"[١٥] .
ولا أعتقد هذا إلا قول سائر الفقهاء لحديث ابن عباس "أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول لبيك عن شبرمة قال: "من شبرمة؟ " قال: أخ لي أو قريب لي، فقال:"حججت عن نفسك؟ " قال: لا، قال: "حج عن نفسك تم حج عن شبرمة". خرجه أبو داود وابن ماجه وصححه ابن حبان.
والحج هو القصد إلى معظم وهو البيت الحرام، ولو كان الجمع بين النيتين جائزا لقال له عليه الصلاة والسلام: "انو عن نفسك وشبرمة" ولكنه عليه الصلاة والسلام قال له: "حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة" فدل هذا على أنه لا يجوز الجمع بين نسك واحد وهو الحج عن اثنين في عام واحد.