والصبر له ثلاث شعب: صبر على طاعة الله، وصبر عن معصية الله، وصبر على المصائب والبلاء ... لابد للداعي أن يتحمل ما يؤلمه، ويصبر على المكروه ويبتعد عن الشكوى إلا لله. ويدخل في ذلك الصبر على عدم ظهور نتيجة دعوته، فليتذكر نبي الله نوحا عليه السلام، الذي دعا قومه ألف سنة إلا خمسين عاما. وأن يتذكر قول الله تعالى:{وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ}(٣٤ الأنعام) وأن يتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون".
ومنها: البعد عن الكبر، لأن الكبر حماقة وجهالة، ومنازعة لرب العزة. وعليه أن يتذكر بأن الله تعالى لا يحب المتكبرين، وأن المتكبر يستعظم نفسه ويغمط الناس ويحتقرهم، فهو إذن ليس من صفات الداعية، لأن المتكبر يتبع أباطيل الشياطين وإيحاءاتهم، ومن يتبع الشيطان لا يصلح أن يكون قدوة، فمن هنا لزم الداعية أن يتصف بالتواضع، لأنه ثمرة معرفته قدر الله، ومعرفته قدر نفسه، فالذي عرف ربه وعرف قدر نفسه لا يمكن أن يكون متكبرا، وبالتالي لا يحتقر أي مسلم مهما كان ضعيفا، لأن المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره. كما أن التواضع يتيح للداعية مجالسة الصالحين والفقراء والضعفاء. فالمتواضع هو الذي يتبع قوله تعالى:{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ ... } الآية ٢٨ الكهف. على الداعية أن يكون كذلك في كل مواقفه حتى في حالة انتصاره في دعوته، وليتذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما دخل مكة فاتحا، فقد دخل منكسا رأسه تواضعا لله تعالى شاكرا لأنعمه.