للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمن الخليفة خوف القائد مما يجد فحل حين أمره بإرسال خيل تقف بازائهم فتشغلهم بأنفسهم عن التفكير في مباغته المسلمين، ولم ينس الخليفة أهل حمص وأهل فلسطين وما بين أهل دمشق من علاقات تفرض عليهم مساعدة الدمشقيين فذكر القائد بذلك حتى لا يؤتي من قبل ما لا يتوقع.

وصدع القائد بأمر الخليفة وعبأ جيشه، وتوجه به نحو دمشق، وقبل أن ينطلق بجيشه أرسل إلى فحل عشرة قواد، ومعهم جيش عظيم، وأمر عليهم عمارة بن مخشى الصحابي ووجه جيشا بقيادة علقمة بن حكيم ومسروق العكي ليشغل أهل فلسطين عن مساعدة دمشق، وبعث ذا الكلام في جيش ليحول بين أهل حمص وإمدادهم لأهل دمشق.

واطمأن أبو عبيدة للخطة، فلم يعد هناك ما يشغله، ولا يهدد أمن الجيوش الزاحفة نحو دمشق، إن تلك الخطة قد قطعت كل أمل في مساعدة الدمشقيين، ولا شك أنهم سيقفون وحدهم في مواجهة المسلمين، وحينئذ لن يعجز المسلمين أمرهم وستكون الدائرة عليهم.

لقد كانت فحل مصدر خطر عظيم حيث يعسكر فيها جيش قوامه ثمانون ألفا مدججون بالسلاح والعتاد، وهم على استعداد لنجدة قوات دمشق إذا اقتضى الأمر، ولكن عمارة بن مخشى وجيشه قد فاجئوا الجيش المدل بعدته وعتاده فسقط في يد الروم، وبثقوا المياه فأوحلت الأرض راجين أن يحول ذلك بينهم وبين الجيش الذي قدم لمحاصرتهم، واغتم المسلمون لتلك المكيدة الخبيثة ولم يدر قط بخلدهم أن الله –غز وجل- قد قضى أن يكون ذلك من أعظم أسباب نصرهم، ورابط الجيش في مكانه محاصرا جيش الروم بفحل من أرض الأردن.