للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك كانت حمص مركزا رئيسيا لقوات الروم، وكان هرقل قد فر إليها بعد اليرموك حين علم بأن قوات المسلمين يستعدون لغزو دمشق، ولما حاصر المسلمون دمشق استغاث أهلها بهرقل، واستمدوه، ولم يخيب هرقل أملهم فيه، فأمدهم بجيش على خيل ليضمن وصول المدد في أسرع وقت، ولكن ذا الكلاع وجيشه قد رصدوا تحركاتهم، ووقفوا في وجه المدد، وحالوا بينه وبين الوصول إلى دمشق، فلم يتمكن المدد من الوصول، وظل أهل دمشق تحت رحمة جيش المسلمين.

توجه أبو عبيدة بجيشه نحو دمشق، وكان الأمير يزيد بن أبي سفيان، فجعل خالدا على القلب، وأبا عبيدة وعمرا على المجنبتين، عياض بن غنم على الخيل، شرحبيل بن حسنة على الرجالة، فلما نزلوا الغوطة وجدوا دورها وبساتينها خاوية على عروشها، ليس بها ديار ولا نافخ نار، لقد فر القوم إلى دمشق ليحتموا بأسوارها المنيعة وحصونها الشامخة، فنزل المسلمون بها وسكنوا دورها واستمتعوا بخيرات بساتينها، وكان ذلك عونا لهم على محاصرة المدينة العتيدة.

كانت أسوار دمشق ترتفع في الهواء ستة أمتار أو تزيد، وكان عرضها ثلاثة أمتار بل تزيد وأما حصونها فكانت شاهقة شامخة كثيرة الشرفات، وكان لأسوارها أبواب ضخمة ترد من يريدها بسوء، وأحيطت تلك الأسوار بخندق عرضه ثلاثة أمتار، تملؤه مياه بردى لتحمي المدينة من المهاجرين أو على الأقل تعوق مسيرتهم حتى يستعد حراس الأسوار للقاء الغزاة.

ورغم كل ذلك أصر أبو عبيدة على محاصرة دمشق، وتقدم الجيش الظافر إلى دمشق، وكانت نشوة النصر في اليرموك لا تزال تهزه وتدفعه لطلب المزيد من النصر واشتغل القائد العظيم طرب الناس بنشوة النصر، كما استعان بشوقهم إلى رؤية دمشق التي كثيرا ما سمعوا عنها ما يشجعهم على التضحية لفتحها، وأصدر أبو عبيدة أمره بمحاصرة المدينة، وعين لكل فريق بابا من أبوابها الكثيرة المنتشرة في سورها الحصين.

محاصرة دمشق: