وعن أحمد رواية ثانية، تقبل وفاقا لأبي حنيفة رضي الله عنه وأكثر أصحابه وابن فورك وسليم الرازي والمحب الطبري. ومن أصحابنا الطفي ... وإطلاق القبول عن أبي حنيفة وأصحابه نقله كثير من العلماء [٣٣] .
وقال ابن مفلح في أصوله:"وقالت الحنفية إن رده جميعهم لم يقبل، وإن اختلفوا فيه قبل، وإن لم يرد ولم يقبل جاز قبوله لظاهر عدالة المسلم ولم يجب. وجوز القضاء بظاهر العدالة أمّا اليوم فتعتبر التزكية لغلبة الفسق".
نقل البرماوي عن صاحب (البديع)[٣٤] وغيره من الحنفية أن أبا حنيفة إنما قبل ذلك في صدر الإسلام حيث الغالب على الناس العدالة، فأما اليوم فلا بد من التزكية لغلبة الفسق" [٣٥] .
هذه أقوال علماء المذاهب من الحنفية فلننظر ماذا يقول الحنفية أنفسهم في هذا اصدد؟.
وقال ابن همام: "ومثله أي الفاسق المستور وهو من لم تعرف عدالته ولا فسقه في الصحيح فخبره ليس بحجة حتى تظهر عدالته وروى الحسن عن أبي حنيفة كالعدل في الأخبار بنجاسة الماء وطهارته ورواية الأخبار".
ثم قال: "مجهول الحال وهو المستور غير مقبول، وعن أبي حنيفة في غير الظاهر من الرواية عنه قبوله ما لم يره السلف - وجهها أي هذه الرواية - ظهور العدالة بالتزامه الإسلام ... ودفع وجهها بأن الغالب أظهر وهو الفسق في هذه الأزمنة فيرد خبره به أي بهذا الغالب ما لم تثبت العدالة نغير التزامه بالإسلام.
وقد ينفصل القائل بهذه الرواية بأن الغلبة للفسق في غير رواة الحديث ولا سيما في الماضين ويدفع هذا بأن كون الغلبة في غير رواة الحديث إنما هو في المعروفين منهم لا في المجهولين منهم؟.