"كنا عند أنس فوقع ذباب في إناء فقام أنس بإصبعه فغمسه في ذلك الإناء ثلاثا ثم قال: بسم الله، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يفعلوا ذلك"أخرجه البزار ورجاله ثقات، ورواه حماد بن سلمة عن ثمامة فقال عن أبي هريرة ورجحها أبو حاتم، وأما الدارقطني فقال: الطريقان محتملان.
قوله صلى الله عليه وسلم:"فإن في إحدى جناحيه" في رواية أبي داود "فإن في أحد" والجناح يذكر ويؤنث، وجزم الصنعاني بأنه لا يؤنث وصوب رواية (أحد) وهو حقيقة في الطائر، ويقال لغيره على سبيل المجاز كما في قول الله الكريم:{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} ووقع في رواية أبي داود وصححه ابن حبان من طريق سعيد المقبري عن أبي هريرة، وأنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء، قال ابن حجر: ولم يقع لي في شيء من الطرق بتعيين الجناح الذي فيه الشفاء من غيره، لكن ذكر بعض العلماء أنه تأمله فوجده يتقي بجناحه الأيسر فعرف أن الأيمن هو الذي فيه الشفاء والمناسبة في ذلك ظاهرة، وفي حديث أبي سعيد المذكور أنه يقدم السم ويؤخر الشفاء، ويستفاد من هذه الرواية تفسير الدواء الواقع في حديث الذباب وأن المراد به السم فيستغني عن التخريج الذي تكلفه بعض الشراح فقال: إن في اللفظ مجاز وهو كون الدواء في أحد الجناحين، فهو إما من مجاز الحذف والتقدير فإن في أحد جناحيه سبب داء، وإما مبالغة بأن يجعل كل الداء في أحد جناحيه لما كان سببا له، قالا آخر يحتمل أن يكون الداء ما يرض في نفس المرء من التكبر عن أكله حتى كان سببا لترك ذلك الطعام وإتلافه، والدواء ما يحصل من قمع النفس وحملها على التواضع.