للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهكذا أصبحت العقيدة هي الأساس الذي قام عليه التنظيم العمراني في المدينة المنورة في عصر الرسول – صلى الله عليه وسلم – وصار مبدأ الأخوة الإسلامية هو السائد في المجتمع الإسلامي وهو المبدأ الذي قرره الله جل وعلا في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} وقرره الرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم- في قوله "المسلم أخو المسلم" وبهذا أصبحت رابطة العقيدة أقوى من رابطة الدم، لأن لحمة الدم فشلت – قبل الإسلام في التأليف بين قلوب سكان المدينة الأصليين - كما ذكرنا - فأحل الإسلام محلها رابطة العقيدة، وجعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- هذه الرابطة خصيصة من خصائص التنظيم العمراني في قاعدة دولة الإسلام، ثم أصبحت خصيصة من خصائص العمران في المدن الإسلامية بعد عصر الرسول.

وكانت رابطة العقيدة هي التي أصلح بها الرسول - صلى الله عليه وسلم – بين الأوس والخزرج، وجمعهم في اسم واحد هو الأنصار، فبعدت عنهم روح العصبية، وتآلفوا لنصرة دين الله الحق الذي أنعم الله به عليهم، وصار ذلك الاسم علماً عليهم، فعرفوا جميعاً به.

كما ألف الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - برابطة العقيدة بين المهاجرين والأنصار، وجعل المؤاخاة هي الأساس الذي يبنى عليه التآلف، فجعل كل رجل من المهاجرين يؤاخي رجلاً من الأنصار، فيصير الرجلان أخوين، تربط بينهما المؤاخاة برباط كرباط الدم.

وقد حققت المؤاخاة الهدف المنشود، فألفت بين قلوب المسلمين جميعاً في المدينة المنورة من مهاجرين وأنصار، فكان رباط العقيدة أقوى أسس التنظيم العمراني في المدن الإسلامية في مختلف العصور.

٤- تنظيم العمران والحياة وفقاً لدستور: