أحلام جميلة طالما رأيناها, وأمال حلوة طالما عشناها, وهاهي ذي اليوم تتقشع كما يتقشع ضباب الصباح مع أشعة الشمس المشرقة.
يا إله السموات والأرض غفرانا ورحمة!! ويا أيتها الأم الصابرة معذرة إليك, وحنانا من لدنك!!
كان عليّ أن أبقى إلى جوارك براً بك وإحساناً, ولكن هذه المصيبة الحطوم التي حطمت داراً من ديار المسلمين لم يكن في مقدوري أن أقف حيالها متفرجاً من بعيد, أقرأ الصحف, وأسمع الإذاعات, ثم أصيح ملء شدقيّ: مرحى لهذا, وتعساً لذاك.
لم يعد في استطاعتي بعد هذا أن أقرأ كتاباً, أو أصغي إلى محاضر, أو أفهم شيئاً من هذه القوانين التي تتحدث عن حقوق الناس والشعوب والدول, هذه القوانين التي يخيل إلي أنها لم تكتب إلا لتدرس في الجامعات, وتنال بها الشهادات, ويتبارى فيها الخطباء على منابر هيئة الأمم المتحدة, أمّا التطبيق والعمل فله قوانين أخرى يعرفها وحش الغاب وحيوان البحر، تعرفها الدول القوية التي تقول للدول الضعيفة والشعوب الغافلة وهي تفترسها نريد أن نمدّك بأسباب الحياة, ونهديك سبيل الحضارة والتقدم.
يعرفها أناس في الشرق والغرب يتباكون علي الضحايا والفرائس, وهم الذين أحلوها دار البوار.
أية حقوق أدرس, وقد ضاعت حقوقي في الحياة باسم الحق والعدالة؟! وأي قانون أتعلم, قد ضاعت بلادي من فوق الأرض باسم قانون الأمر الواقع؟! يا لله من كيد الظالمين! ! ويا لله من خداع الأقوياء!!