إن الرسول صلى الله عليه وسلم في بداية المعركة شجع المجاهدين بقوله من قتل كذا فله كذا ... ومن أسر كذا فله كذا ... ولما انتهت المعركة بنصر حاسم للمسلمين حاول بعض الغانمين الاستئثار بما غنموه دون غيرهم من إخوانهم المجاهدين مما أثار بعض الخصومة. والنزاع الأمر الذي لا يمكن أن تقر عليه جماعة الإيمان بحال من الأحوال من أجل ما قد يؤدي إليه من الفوضى والخلاف، وذلك مما لا يليق بهم، ولا يتفق وحقيقة جماعة تؤمن بالله، وتقاتل طول الحياة لحماية دين الله، وأولياء الله، ولتأمين دعوة الحق بين الخلق.
فلذا لما اختلفوا وتساءلوا أجيبوا برد القضية لله ورسول الله:{يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} . وأمروا بتقوى الله عز وجل، وإصلاح ذات بينهم، وطاعة ربهم ونبيهم وهذه من مقتضيات إيمانهم وهم مؤمنون. وأما الغنائم وقسمتها وقد ردت إلى الله فسيحكم الله فيها بما هو الحق والعدل. وبما يحقق الخير للجميع.
قد اشتملت هذا القدر من الآية على الأمر بثلاثة أشياء هي في غاية الأهمية بالنسبة إلى حياة الجماعة المسلمة وسعادتها في الدنيا والآخرة، تلك هي الأمر بتقوى الله عز وجل، وإصلاح ذات بين الجماعة عند وجود فساد فيها بالفرقة والخلاف بين أصحابها، وطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بعد الإيمان بالله واليوم الآخر المهيأ لذلك والمعد له، والمساعد عليه.