ونقول له: ما إلى هذا قصدنا، ولا إلى هذا الفهم توجهنا، فإن الرغب والرهب دعامتان: عليهما يقيم العابدُ بناء عبادته، فإذا كان العابد راهباً لا يرغب: فهو إلى الخوارج أقرب، فإن الخوارج (الحرورية) جعلوا الخوف دينهم، والرهب ديدنهم فخافوا وأخافوا، وفزعوا وأفزعوا، وإن العابد إذا جعل دينه رغبة فقط مبرأة من الرهب، فقد أخطأ الطريق، وسلك سبيلا غير سبيل الحق، وإذا كنا نلتمس دائماً وأبداً السبيل الحسنى عند سيد الأنبياء صلى الله عليه وسلم، فلنعلم أنّ الله تبارك وتعالى قد مدح إمام أنبيائه، بالخوف منه جل ذكره، وقد دل على ذلك قول الله تعالى:{ ... قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} ١٤: ١٥ الأنعام.