ولنعد إلى مناقشة الرئيس الأميركي في زعمه الكبير بأن توكيد حقوق الإنسان هو جوهر السياسة الأميركية ... وحبذا لو أتيح لنا أن نصل إلى سمعه لنقول له: في وسع كل رئيس أن يردد مثل هذا القول، ولكنه قول سيظل يعوزه التجسيد حتى يحققه العمل، وما دام عمله يباين ادعاءه، فلن يجد من يصدقه، بل أن سامعَه سيزداد شكا في جدية هذا الضرب من التصريحات التي لا تغير من الواقع شيئاً.
* لقد خاضت أميركتكم يا سيادة الرئيس عدداً من الحروب خلال هذا القرن، وفي كل حرب كان هذا الزعم الكبير هو الشعار الذهبي الذي ترفعه جيوشها، حتى إذا انجلت الحرب لمصلحتها نسيت ما كانت تزعمه، واكتفت بمحاولة توجيه المسيرة البشرية في خدمتها وحدها ولو هلك العالم كله، وهل أنا بحاجة إلى تذكيركم بهيروشيما وناجاساكي، اللتين جعلتم منهما مخبراً فنياً لتجارب علمائكم في مدى قدرتهم على التدمير فكانت حصيلة التجربة مئات ألوف الضحايا ممن لا ناقة له ولا جمل في ميادين القتال.. ومع ذلك فلم تسمع البشرية كلمة تعزية من أي رئيس أميركي في هذه الكارثة العالمية.. فليت شعري.. أين كانت حقوق الإنسان من سياسة أميركية يومئذ ... ؟ أم أنكم لا تعتبرون المخلوق إنساناً إن لم يكن أميركياً أو يهودياً!!..
ثم جاءت مجازر كمبودية وفيتنام ولاوس وأخواتها اللاتي أحلتم بهن الأرض بحاراً من الدماء.. ولما رأيتم مصلحة أميركة في مغادرتها تركتم شعوبها للجزارين الحمر يصَفّونها على الطريقة الماركسية، التي تعتبر الرحمة أبشع ألوان الضعف، دون أن تعتذروا ولو بكلمة واحدة لهذه الملايين من القرابين.. فأين كانت مبادئ أميركة في احترام حقوق الإنسان..؟ أم أن هؤلاء بنظر السياسة الأميركية من غير نوع الإنسان الذي يستحق الإحترام أو الإحسان..؟