للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ذكر الشيخ الطحاوي والعيني بعض الآثار عن الصحابة بأنهم كانوا يصلون ركعتي الفجر والإمام في صلاة الصبح في جانب المسجد والجواب عن ذلك: إن ثبت فعل بعض الصحابة فالنص النبوي مقدم عليه.

ثم ذكر الشيخ الطحاوي تأويلات كثيرة في جواز إتيان ركعتي الفجر وإليكم بعض هذه التأويلات مع مناقشتها.

الأولى: أن النبي صلى الله عليه وسلم كره لابن بحينة وصله النافلة بالفريضة في مكان واحد، لم يفصل بينهما بشيء، وليس لأنه كره له أن يصليها في المسجد إذا كان فرغ منها (ثم) تقدم إلى الصفوف، فصلى الفريضة مع الناس.

واستدل لذلك بحديث يحيى بن كثير عن محمد بن عبد الرحمن (ابن ثوبان) . "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بعبد الله بن مالك ابن بحينة وهو منتصب (أي قائم) يصلى ثمة بين يدي صلاة الفجر فقال: "لا تجعلوا هذه الصلاة كصلاة قبل الظهر وبعدها واجعلوا بينهما فصلاً"رواه أحمد [٣٠] . بطريق عبد الرزاق أنا معمر، عن يحيى مثله. وإسناده جيد.

ويجاب عن هذا بأنه يلزم أن لا يكون الفصل مطلوباً في سنة الظهر مع فرضها، وهذا لا يقول به أحد.

ثم لو كان الفصل هو المطلوب لحصل ذلك بالكلام، أو تقدم خطوة، ولا يحتاج أن يمشي من مؤخرة المسجد إلى مقدمه.

فلابد أن نحمل حديث ابن بحينة على الفصل بالزمان. يعني لا يجوز لأحد أَن يصلي النوافل في زمان الفريضة التي أَقيمت لها. وهذا مطلوب في جميع الصلوات.

وإنما خص بالذكر ركعتا الفجر لأن القصة وقعت فيهما.

الثانية: أن النهي يحمل على من يصلي النافلة في الموطن الذي أقيمت فيه الصلاة. وعلى هذا يحمل حديث عبد الله بن سرجس فإنه صلاهما خلف الناس فكان شبيه المخالط لهم. وهذا مكروه عندنا. وإنما يجب عليه أن يصليهما في مؤخر المسجد، ثم يمشى من ذلك المكان إلى أول المسجد. فأما أَن يصليهما مخالطاًَ لمن يصلي الفريضة، فلا. انتهى.