ولذا نرى المتأخرين من محققي الحنفية ذهبوا إلى ظاهر أحاديث الباب، ولم يقبلوا تأويلات الطحاوي.
قال الشيخ المحقق عبد الحي اللكنوي صاحب الرفع والتكميل في التعليق الممجد [٣١] بعد ذكر تأويلات الطحاوي "لكنه حمل من غير دليل معتد به بل سياق بعض الروايات يخالفه. إلى أن قال: وظاهر الأخبار المرفوعة هو المنع".
وأما من شرع في النافلة فأقيمت الصلاة فمن الأفضل أن يقطع صلاته، ويدخل مع الإمام.
وقال علماء الحنفية عليه أن يتم صلاته لأن الله تعالى يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} .
يقول الشيخ الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع [٣٢]"لأن صونه عن البطلان واجب"وخصوا النهي الوارد في حديث أبي هريرة بابتداء النافلة عند الإقامة لا عدم الاستمرار لمن دخل في النافلة قبل شروع الإقامة.
وذهب علماء الشافعية أيضاً إلى الاستمرار في إتمام النافلة ما لم يخش فوات الجماعة ففي المهذب "وإن دخل في صلاة نافلة، ثم أقيمت الجماعة، فإن لم يخش فوات الجماعة، أتم النافلة، ثم دخل في الجماعة، وإن خشي فواتها قطع النافلة لأن الجماعة أفضل".
قال النووي في شرح المهذب [٣٣] ومراده بقوله: "خشي فوات الجماعة، أن تفوت كلها بأن يسلم من صلاته".
هكذا صرح به الشيخ أبو حامد والشيخ نصر وآخرون.
وأما الظاهرية فكما سبق ذكره بالغوا في ذلك فقالوا: لا فائدة من التسليم إذا أقيمت الصلاة.
فعلى المتطوع أن يقطع نافلته، ويدخل مع الإمام في الفريضة حتى يدرك فضيلة التحريم. وظاهر أحاديث الباب يؤيد ما قاله الظاهرية والله تعالى أعلم.