وأما استدلال الحنفية بالآية الكريمة فبعيد لأن معناها: لا تبطلوا أعمالكم بالشرك والرياء. ثم ليس هنا إبطال بل إنما هو بناء لما هو أفضل منه وقد قال الشيخ الكاساني في بدائع الصنائع [٣٤]"إذا شرع في الفرض، ثم أقيمت الصلاة، فإن كان في صلاة الفجر يقطعها ما لم يقيد الثانية بالسجدة لأن القطع وإن كان نقصاً صورة فليس بنقص معنى. لأنه للأداء
على وجه الأكمل، والهدم ليبنى أكمل يعد إصلاحاً لا هدماً فكذلك هنا. فمن قطع ركعتي الفجر ليدرك فضيلة تكبيرة التحريم فإنه وإن كان قطعاً صورة فليس بنقص معنى، لأن ما يدركه من الجماعة أعظم أجراً، وأكثر ثواباً مما يفوته بقطع النافلة".
وقد ذكر الشيخ المحدث عبيد الله المباركفوري صاحب المرعاة توجيهاً حسناً في المسألة فقال:"الراجح عندي أن يقطع صلاته عند الإقامة إن بقيت عليه ركعة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "لا صلاة بعد الإقامة إلا المكتوبة"فلا يجوز له أن يصلي ركعة بعد
الإقامة، وأما إذا أقيمت الصلاة وهو في السجدة أو التشهد فلا بأس لو لم يقطعها وأتمها لأنه لا يصدق عليه أنه صلى صلاة. أي ركعة بعد الإقامة"انتهى.
وهو الذي أرجحه في هذه المسألة والله تعالى أعلم بالصواب.
عموم البلاء
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القطب الأعظم في الدين، والمهم الذي ابتعث الله له النبيين أجمعين ...
لو طوِيَ بساطه، وأهمل علمه وعمله لفشت الضلالة وشاعت الجهالة، وخربت البلاد، وهلك العباد ...
وفي ذلك روى أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"ما من قوم عملوا بالمعاصي وفيهم من يقدر أن ينكر عليهم، فلم يفعل، إلاّ يوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده ... ".