ولكن هذه النتيجة غير مسلمة، بل يعترض عليها من يثبت الله تعالى صفات الأفعال الاختيارية الواردة في النصوص الشرعية من الكتاب والسنة فهي قضية مطعون فيها.
فكأن المستدل على وجود الله تعالى بحدوث العالم عن هذا الطريق يحتاج إلى ما يأتي:
أولاً: إلى إثبات الجواهر الفردة.
ثانياَ: إلى إثبات حدوثها.
ثالثاً: ثم الاستدلال بعد ذلك على أن لها محدثا.
وهكذا نرى أن طريقة المتكلمين في إثبات وجود الله تعالى، شاقة، وصعبة المنال حتى على المتخصصين فضلا عن الجمهور، مع الاعتراضات الموجهة إليها، والواردة عليها، ثم بطلان نظرية الجوهر الفرد علميا الآن، فالجوهر الفرد عندهم هو الجزء الذي لا يتجزأ، وقد أثبت العلم الحديث تجزأه، فدل ذلك على فساد النظرية، ثم إن هذه النظرية مأخوذة عن الماديين الطبيعيين، من فلاسفة اليونان ذلك أَن الواضع لنظرية (الجوهر الفرد) هو (ديمقريطي [٢١] ٤٧٠ ق. م) الفيلسوف الذي قرر أن هذا العالم يتركب من جزئيات غاية في الصغر، وأنها لا نهاية لها، وهي (الجواهر الفردة) ، ورأَى أن هذه الجواهر تتجمع، وتتفرق من تلقاء نفسها، وبواسطة حركة ذاتية فيها، فيتكون من اجتماعها الأجسام ومن تفرقها عدم الأجسام، وهذه الحركة لم تستمدها الجواهر من أية قوة أَخرى أو أصل آخر، وإنما من طبيعتها) [٢٢] . وهذه نظرية من لا يؤمن بخالق لهذا الكون ومن فيه.
وقد أثبت العلم بطلان هذه النظرية، كما أثبت الشرع أن كل حركة لابد لها من محرك.
ثانياً- مسلك الفلاسفة:
أما الفلاسفة الإلهيون فلم يسلكوا في الاستدلال على وجود الله تعالى مسلك المتكلمين، وهو الاستدلال بالحادث على المحدث، أو بالصنعة على الصانع، وإنما سلكوا مسلكاً آخر، هو ما يسمى في عرف العلماء بدليل الإمكان، كي يثبتوا به الواجب.