للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقد قالوا: إن الموجود لا يخلو من أن يكون واجبا أو ممكناً، والواجب ما كان وجوده من ذاته، والممكن ما كان وجوده من غيره، أي أنّ الممكن مالا يكون وجوده أولى من عدمه بحسب ذاته، وحينئذ فلا بد له من مؤثر يرجح جانب الوجود على جانب العدم، هذا المؤثر إما أن يكون واجب الوجود بذاته، أَو ممكن الوجود، فإن كان واجب الوجود بذاته ثبت وجود الواجب وهو المطلوب.

وإن كان ممكن الوجود احتاج إلى علة ترجح وجوده على عدمه، وتسلسل الممكنات إلى غير نهاية ممتنع، إذ لابد من الانتهاء إلى علة غير محتاجة إلى علة أخرى توجدها، هذه العلة عندهم هي (واجب الوجود) أي الله تعالى.

وفي ذلك يقول ابن سينا في كتابه: النجاة:

"لا شك أن هنا وجوداً، وكل وجود فإما واجب أَو ممكن، فإن كان واجباً فقد صح وجود الواجب وهو المطلوب.

وإن كان ممكناً فإنا نوضح أَن الممكن ينتهي وجوده إلى واجب الوجود ... ثم ينهى ابن سينا سلسلة الممكنات إلى علة واجبة الوجود، إذ ليس لكل ممكن علة ممكنة بلا نهاية" [٢٣] .

ويقول في كتابه: الإشارات والتنبيهات، مشير إلى هذا المعنى:

"كل موجود إذا التفت إليه من حيث ذاته من غير التفات إلى غيره فإما أن يكون بحيث يجب له الوجود في نفسه، أو لا يكون، فإن وجب فهو الحق بذاته الواجب الوجود من ذاته، وهو القيوم.

وإن لم يجب لم يجز أن يقال إنه ممتنع بذاته بعد ما فرض موجوداً، أي في قولنا كل موجود بل إن قرن باعتبار ذاته شرط مثل شرط عدم علته صار ممتنعاً، أو مثل وجود علته صار واجباً وإن لم يقرن بها شرط، لا حصول علة ولا عدمها بقي له في ذاته الأمر الثالث وهو الإمكان: فيكون باعتبار ذاته الشيء الذي لا يجب ولا يمتنع.

فكل موجود إما واجب الوجود بذاته.

أو ممكن الوجود بحسب ذاته" [٢٤] .