ثم إن عمر رضي الله عنه يبغض الملاهي من حضور المعازف، والاستماع إلى الأغاني، وترديدها. وتأْثيرها في حياة الشباب، والانحراف بقلوبهم عن طريق الحق والصواب. والاشتغال بها قد يضيع على الشباب كل ما يفيده وينفعه في دنياه وآخرته.
ويوصي رضي الله عنه بأن يحرص كل غلام على قراءة جزء من القرآن الكريم كل يوم، والتثبت في قراءته، حتى ينطبع في قلبه حب القرآن والعمل بهِ.
ثم يختم رسالته بالاستعداد للجهاد، وبإعداد فتيان المسلمين وشبابهم وتمرينهم على استعمال القوس والنبل، وإجادة الرمي، حتى إذا دعا داعي الجهاد، كانوا على أتم الاستعداد لقتال العدو ومغالبته والانتصار عليه.
كان لعمر بن عبد العزيز من البنات: أمينة وأم عمار وأم عبد الله وقد حرص رضي الله عنه على تزويدهن بالنصيحة، وبطاعة الله، والعمل على مرضاته، والرضا بما قسم لهن، وقد استطاع حينما تولى الخلافة، أن ينقلهن معه من حياة الترف والعز والنعيم الذي كن يعشن فيه إلى مشاركة أبيهن فيما اتخذ له من طريق ارتآها الموصلة إلى سعادة الآخرة التي اختارها فهي طريق النجاة والفوز، فما عند الله خير وأبقى.
لقد شاركن الأب في حياة الزهد والتعفف والتقشف، وكن سعداء مع هذا الوالد، الخائف من الله، والمتقرب إليه، والذي يحاول إرضاءه.
كان عمر يصلي العتمة كل ليلة، ثم يدخل على بناته، فيسلم عليهن، دخل عليهن ذات ليلة، فلما أحسسنه، وضعن أيديهن على أفواههن ثم تبادرن الباب.
قال عمر للحاضنة: ما شأنهن؟
قالت إنه لم يكن عندهن شيء يتعشينه إلا عدس وبصل، فكرهن أن تشم ذلك من أفواههن.
فبكى عمر، ثم قال لهن:
يا بناتي ما ينفعكنَّ أن تعشين الألوان، ويمر بأبيكن إلى النار فبكين حتى علت أصواتهن، ثم انصرف.
مرت أمينة ابنة الخليفة عمر بن عبد العزيز يوما عليه وهو جالس، فدعاها الخليفة: