وهو قول ينطوي على دس واضح لأنك عندما تستعرض أسماء الذين هاجروا تجدهم الرواد الأوائل للدعوة الإسلامية وهم الذين حملوا لواءها فيما بعد وماتوا مجاهدين في سبيلها. بل يذهب هذا الكاتب إلى أكثر من ذلك فيقول:"إن هذه الهجرة عبارة عن جزء من مخطط بارع لمحمد على أمل أَن يحصل على مساعدات حربية من الأحباش كما سبق أن سعى جده من قبل للحصول على مساعدات حربية من أبرهة [١١] .
والمعروف أن أبرهة جاء إلى مكة غازيا ينوي هدم الكعبة فلا يمكن بأي حال أن يطلب عبد المطلب خادم البيت الحرام أي مساعدات من عدوه ليدافعه بها. وقد حفظ لنا ابن هشام هذه القصة كاملة فقال رحمه الله تعالى"وكان عبد المطلب أوسم الناس وأعظمهم فلما رآه أَبرهة أجله وأَعظمه وأكرمه عن أن يجلسه تحته وكره أن تراه الحبشة يجلس معه على سرير ملكه فنزل أبرهة عن سريره فجلس على بساطه وأجلسه معه عليه إلى جنبه ثم قال لترجمانه قل له: ما حاجتك؟ فقال له ذلك الترجمان؛ فقال: حاجتي أن يرد عليّ الملك مئتي بعير أصابها لي، فلما قال له ذلك، قال أبرهة لترجمانه قل له: قد كنت أعجبتني حين رأيتك ثم قد زهدت فيك حين كلمتني، أتكلمني في مئتي بعير أصبتها لك وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه، لا تكلمني فيه! فقال له عبد المطلب: إني أنا رب الإبل، وإن للبيت ربا سيمنعه، قال: ما كان ليمتنع مني، قال: أنت وذاك" [١٢] .