تصدى ابن تيمية لمحاربة الفساد المستشري في أمة الإسلام والمتمثل في الحكام والعلماء والعباد من المتصوفة والمبتدعة والخرافيين، فقاومه بالحجة والبرهان وانبرى لمقاومته الحكام بالوعيد والتهديد، والسجن والحرمان، وتصدى له العلماء، بالإنكار والتشنيع والوشايات لدى الحكام وتصدى له المتصوفة والمبتدعة بالكيد والمكر والدس والخداع والكذب والتضليل.
ووقف الشيخ وحده في الميدان ليس له من ولي ولا نصير إلا ربه تعالى وكفى بالله ولياً ونصيراً. وكان ما أجمع عليه أعداؤه فيه ثلاث مسائل ادعوا أنه خالف فيها الإجماع وهي طلاق الثلاث، والوسيلة، وشد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة. هذه أبرز ما اجتمع عليه أعداء الشيخ فحاربوه عليها حربا ضروسا بلا رحمة ولا شفقة، فما تركوا وسيلة للنيل من الشيخ إلا استعملوها، فكذبوا عليه، وزودوا وافتروا. وقالوا ما لم يقله عدو في عدوه والشيخ صابر محتسب يقرع الحجة بالحجة، ويبين زيف الدعاوى، وافتراء المفترين. كل ذلك بأسلوب نزيه، وكلام طيب، وقول حسن فلا يغلظ في قول، ولا يجفو في عبارة، ولا يحاول انتقاص أحد، أو النيل من كرامته إن كان من ذوي الكرامات. الأمر الذي يعد فيه ابن تيمية فريدا وحيداً أشبه رجل بنبي في دنيا الرجال، وكان إذا التبس عليه أمر أو خفيت عليه حال أو لم يتبين وجه الحق في مسألة فزع إلى ربه يستعلمه ويستهديه فكان يقول في جوف الليل وقد انقطع إلى ربه: اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم. فيعلمه ربه ويهديه إلى وجه الحق الذي التبس عليه.. وما مات ابن تيمية حتى أوضح منهج الإسلام، وأقام سبيل الدعوة، وفتح الله به عيونا عميا وأسمع بدعوته آذانا صما، وهدى به قلوبا زائغة عن الحق حائرة في طلب الهدى. وكل من أتى بعده من رجال الإصلاح والدعوة في